أوضح المركز المالي الكويتي "المركز" في تقريره الشهري عن أداء الأسواق لشهر سبتمبر 2024 أن السوق الكويتي كان من أفضل الأسواق الخليجية أداءً على أساس سنوي بعد سوق دبي. وأنهت معظم مؤشرات الأسهم الخليجية والعالمية الشهر على ارتفاع، مدعومة بتفاؤل المستثمرين عقب قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة، إلا أن التوترات الجيوسياسية المتزايدة في الشرق الأوسط وتراجع أسعار النفط أثّرت على الأداء العام للأسواق الخليجية.
وقد واصل مؤشر السوق الرئيسي في الكويت تفوقه على مؤشر السوق الأول، محققًا مكاسب بنسبة 12.7% منذ بداية العام. كما ارتفع المؤشر العام بنسبة 4.7% على أساس سنوي، رغم تراجعه خلال الشهر بنسبة 0.6% خلال سبتمبر. وجاء هذا الأداء مدعومًا بقرار بنك الكويت المركزي خفض سعر الخصم بمقدار 25 نقطة أساس إلى 4%، بعد خطوة مماثلة قام بها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ونظرًا لارتباط الدينار الكويتي بسلة من العملات تشمل الدولار الأمريكي، فإن البنك المركزي الكويتي يتمتع بهامش من المرونة في اتباع قرارات الاحتياطي الفيدرالي أو تجاهلها. وتناول التقرير أداء أسهم القطاع المصرفي، حيث تراجع مؤشر القطاع بنسبة 1.4% خلال الشهر، بعد أن أنهت جميع البنوك المدرجة، باستثناء بنك الكويت الوطني، تداولاتها في المنطقة بأداء سلبي. بينما سجل بنك الكويت الوطني مكاسب طفيفة بنسبة 0.6%. وفي خطوة لافتة، وقع بنك الخليج اتفاقية مع بنك بوبيان لبحث اندماج محتمل، والذي من شأنه أن ينشئ كيانًا مصرفيًا متوافقًا مع أحكام الشريعة الإسلامية. كما حصل البنك على موافقة بنك الكويت المركزي لتوظيف مستشارين لتقييم الجدوى الاقتصادية للصفقة. ومن بين أسهم السوق الأول، سجلت مجموعة أرزان المالية أكبر المكاسب بارتفاع نسبته 14.4% خلال الشهر، وذلك بعد حصولها على أسهم إضافية من زيادة رأس مال طرف ذي صلة، مما يُتوقع أن ينعكس على نتائجها المالية في الربع الثالث من 2024.
وانتقل تقرير "المركز" إلى تحليل أداء سوق الائتمان والقطاع العقاري؛ حيث نما الائتمان المحلي في الكويت بنسبة 2.8% سنويًا (1.8% منذ بداية العام) حتى يوليو، وهو أقل قليلاً من النمو المسجل في الشهر السابق بنسبة 2.9%. وجاء هذا التراجع بسبب تراجع الإقراض من البنوك والمؤسسات المالية، في حين بقي نمو الائتمان العائلي قويًا بنسبة 2.5% سنويًا، ونما الائتمان التجاري بنسبة 1.9% سنويًا. وفي المقابل، تراجعت مبيعات العقارات في الكويت خلال أغسطس بنسبة 12% سنويًا إلى 257 مليون دينار كويتي، مدفوعة بتراجع حاد في مبيعات شريحة الوحدات السكنية التي تراجعت بنسبة 32% إلى 88 مليون دينار. وعلى النقيض، ارتفعت مبيعات الشريحة الاستثمارية إلى 108 مليون دينار كويتي رغم تراجع عدد الصفقات، بينما بلغت مبيعات الشريحة التجارية 61 مليون دينار، لتواصل تسجيل نمو على أساس سنوي.
وأنهت الأسواق الخليجية، باستثناء سوق عمان، الشهر على ارتفاع، وسجل مؤشر ستاندرد أند بورز المركب لدول مجلس التعاون مكاسب نسبتها 1.3% في سبتمبر. وقد تأثرت هذه المكاسب بتخفيض أسعار الفائدة في معظم دول المجلس تماشيًا مع قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. إلا أن المكاسب توقفت إلى حد ما نتيجة تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة. وارتفعت مؤشر سوق دبي وسوق أبوظبي بنسبة 4.1% و1.5% على التوالي، مدعومة بتوقعات مصرف الإمارات المركزي بنمو الاقتصاد بنسبة 6% في 2025، مع استمرار الزخم في القطاع غير النفطي، وزيادة إنتاج النفط. وشهد سهم شركة أدنوك للحفر ارتفاعًا بنسبة 7.5% بعد الإعلان عن توزيع أرباح مؤقتة بقيمة 1.285 مليار درهم (350 مليون دولار) للنصف الأول من 2024. كما سجلت أسهم العقارات، مثل إعمار العقارية والدار العقارية، مكاسب بنسبة 3.3% و2.5% على التوالي، مدفوعة بتفاؤل المستثمرين بخفض أسعار الفائدة. وارتفع مؤشر السوق السعودي بنسبة 0.7%، مدعومًا بأداء متفاوت للأسهم القيادية. وسجل سهم شركة أكوا باور مكاسب بنسبة 17.4% نتيجة تفاؤل باهتمام استثماري صيني، إلى جانب إدراجها في القائمة القصيرة لخمسة مشاريع طاقة رياح كبيرة في عمان. أما مؤشر السوق القطري، فقد ارتفع بنسبة 4%، مدعومًا بالارتفاع الكبير في أسعار الغاز الطبيعي.
وعالمياً، سجلت الأسواق مكاسب مماثلة خلال سبتمبر، حيث ارتفع مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنتليجنس العالمي ومؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 1.7% و2% على التوالي. وساهم بدء دورة التيسير النقدي من قبل الاحتياطي الفيدرالي، إلى جانب تقارير تُظهر تراجع التضخم، في دعم هذه المكاسب. وخفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي النطاق المستهدف لسعر الفائدة الفيدرالية بمقدار 50 نقطة أساس، من 5.25 - 5.5% إلى 4.75 - 5.00%، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ 2020. وعلى جانب آخر، أبقى بنك إنجلترا سعر الفائدة الرئيسي ثابتًا عند 5.0% في سبتمبر، مواصلاً سياسة التيسير النقدي التدريجي. وذكر "المركز" في تقريره أن الأسواق الناشئة حققت مكاسب قوية، حيث ارتفع مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنتليجنس للأسواق الناشئة بنسبة 6.4%، مدفوعًا بارتفاع الأسواق الصينية بنسبة 17.4%. جاء هذا الارتفاع بعد إعلان بكين عن سلسلة من التدابير التحفيزية لدعم الاقتصاد. وخفض بنك الشعب الصيني نسبة الاحتياطي الإلزامي بمقدار 50 نقطة أساس لمعظم البنوك، وخفض معدل الريبو العكسي لمدة سبعة أيام بمقدار 20 نقطة أساس إلى 1.5%. ووفقاً لرويترز، تخطط الصين لإصدار سندات سيادية خاصة بقيمة 2 تريليون يوان (284.43 مليار دولار أمريكي) هذا العام كجزء من سياسات التحفيز المالي الجديدة.
وبلغ العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات 3.81% في نهاية سبتمبر، وهو أقل ب10 نقاط أساس عن إغلاق الشهر السابق. وخلال الشهر، بلغ العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات أدنى مستوى له عند 3.63% في 16 سبتمبر، أي قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي. إلا أن العائدات قد ارتفعت بشكل طفيف منذ ذلك الحين، حيث أثار تحول بنك الاحتياطي الفيدرالي في التركيز على حماية سوق العمل من التغلب على التضخم مخاوف من انتعاش ضغوط الأسعار في سوق السندات الأمريكية. وانخفض العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين بمقدار 25 نقطة أساس خلال الشهر ليغلق عند 3.66%.
وفي تناوله لسوق النفط، ذكر تقرير "المركز" أن الأسعار اختتمت شهر سبتمبر عند مستوى 71.8 دولارًا للبرميل، مسجلة انخفاضًا بنسبة 8.9%. وتأثرت الأسعار بمخاوف ضعف الطلب العالمي وتوقعات بزيادة الإمدادات النفطية من السعودية. وعدّلت أوبك توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط إلى 2.03 مليون برميل يوميًا في 2024، مقارنةً بالتوقعات السابقة البالغة 2.11 مليون برميل يوميًا. وأشار تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز إلى أن السعودية ملتزمة بزيادة إنتاج النفط في وقت لاحق خلال هذا العام، حتى لو أدى ذلك إلى انخفاض الأسعار لفترة طويلة من أجل استعادة حصتها في السوق.
وتوقع تقرير "المركز" أن تتجه أنظار المستثمرين إلى البيانات الاقتصادية الرئيسية، مثل التضخم ومعدلات التوظيف والرواتب، لتقييم مسار خفض الفائدة المتوقع في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المقبل في 6 و7 نوفمبر. وتوقع بنك الاحتياطي الفيدرالي مزيد من التخفيضات بمقدار 50 نقطة أساس بنهاية 2024، ومن غير الواضح ما إذا كانت التخفيضات ستبدأ في نوفمبر بخفض واحد بمقدار 50 نقطة أساس أو ما إذا كانت ستنقسم إلى خفضين بمقدار 25 نقطة أساس في كل من اجتماعي نوفمبر وديسمبر. وإضافةً إلى ذلك، من المرجح أن تؤثر نتائج أرباح الربع الثالث للشركات الكبرى في دول الخليج وأسعار النفط والتطورات الجيوسياسية على أداء أسواق المنطقة في الفترة المقبلة.