أشار تقرير المركز المالي الكويتي "المركز" أن توقعات أداء معظم أسواق دول مجلس التعاون الخليجي للعام 2020 مستقرة بالرغم من التقلبات في المنطقة. ويعرض تقرير "المركز" توقعاته على أساس أربعة محاور هي: التوقعات الاقتصادية، ومقدرات نمو أرباح الشركات، وجاذبية القيمة السوقية، والسيولة في السوق لكل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي
وأشار تقرير "المركز" أن العوامل التي أثرت في الاقتصاد الخليجي خلال العام 2019 تتمثل في تراجع متوسط سعر النفط عند مستويات أقل مما كان عليه في عام 2018، بالإضافه إلى المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي، و ترقب نتائج الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وقرب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وخفض أسعار الفائدة من قبل معظم البنوك المركزية. ويضاف إلى ذلك تراجع أداء قطاع العقارات و قطاع أسواق السلع الأساسية. بينما تأثرت الأسواق الخليجية إيجابياً باستمرار منظمة أوبك وحلفائها في تطبيق سياسة خفض إنتاج النفط وتبني عدد من الأسواق المالية إصلاحات تنظيمية، والأهم كان إدراج بعض الأسواق الخليجية في مؤشرات عالمية. وكانت بداية العام 2019 إيجابية لكل من دولة الكويت والإمارات العربية المتحدة ومستقرة لسوقي المملكة العربية السعودية وقطر. وباستثناء أسواق الإمارات، جاء أداء الأسواق الخليجية الأخرى متماشياً مع التوقعات.
وتوقع تقرير "المركز" أن تبقى أسعار النفط في عام 2020 عند مستويات العام 2019، أي في حدود 61 إلى 65 دولاراً للبرميل، على الرغم من التقلبات الجيوسياسية. كما توقع تحسن مستويات أرباح الشركات نسبياً، وأن يساعد توسع حكومات دول مجلس التعاون الخليجي في سياسات الإنفاق في نمو القطاعات الاقتصادية غير النفطية، بينما تبدو الظروف الاقتصادية العالمية مواتية. وبالنظر إلى تواضع التوقعات بشأن أسعار النفط وفي ظل خطط الإنفاق المقترحة، فمن المتوقع أن تتعرض الموارد المالية الحكومية لضغوط.
الكويت – مستقرة
برزت الكويت كأفضل أسواق دول مجلس التعاون الخليجي أداءً في عام 2019، بمكاسب بلغت 23.7%. ويعزى ذلك الأداء القوي إلى الإصلاحات التي جرى تنفيذها في أسواق المال، وإدراج السوق في مؤشر ستاندرد أند بورز، وكذلك قرب إدراجه الرسمي في مؤشر مورغان ستانلي العالمي للأسواق الناشئة. كما ساعد قرار رفع سقف الملكية الأجنبية في رؤوس أموال البنوك الكويتية في جذب المزيد من التدفقات المالية.
وشهدت أرباح الشركات نمواً معتدلاً نسبته 1% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2019، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك تأثراً بأداء قطاع الخدمات المالية وشركات الاستثمار وشركات التأمين والأدوات المالية غير المصرفية. وحقق القطاع المصرفي وقطاع الاتصالات أداءً قوياً نسبياً. ومن بين أسهم الشركات القيادية في السوق، حقق سهم بيت التمويل الكويتي أعلى المكاسب بنسبة 45.8%. وساعد في هذا الأداء تقدم مفاوضات الدمج مع البنك الأهلي المتحد، الذي من المتوقع أن يزيد من أرباح بيت التمويل الكويتي بشكل كبير ويعزز من نمو معدل الأرباح الذي بلغ 12.7% للتسعة أشهر المنتهية في سبتمبر 2019.
وعند المقارنة ببقية دول مجلس التعاون الخليجي، فإن الكويت تتمتع بفائض مالي كبير. ومع ذلك، من المتوقع أن يتراجع هذا الفائض خلال عام 2020. ومن المتوقع أيضاً أن تؤثر التحويلات إلى صندوق الأجيال القادمة وبنود الدعم سلباً في الموازنة العامة.
المملكة العربية السعودية – مستقرة
شهد العام 2019 ارتفاع مؤشر "تداول" السعودي بنسبة 7.2%. وكان مؤشر قطاع الخدمات الاستهلاكية الأعلى تحقيقاً للمكاسب بنسبة 34%. ويمثل الاكتتاب العام في أسهم شركة أرامكو السعودية وطرح أسهمها في السوق أهم أحداث العام في السوق السعودي. وبلغ تقييم الشركة 1.71 تريليون دولار، أي أقل من التريليوني دولار التي توقعتها حكومة المملكة. وجاء التقييم الأقل هذا على خلفية تراجع متوسط أسعار النفط مقارنة بالعام 2018، وكذلك نتيجة لمخاوف المستثمرين في أعقاب هجمات طائرات على منشآت النفط التابعة للشركة السعودية. ومع ذلك، فقد لامس السهم لفترة وجيزة تقييم 2 تريليون دولار المستهدف في ثاني أيام التداول.
وخلال الأشهر التسعة الأولى من 2019، سجلت أرباح الشركات تراجعاً بنحو 24.1%. وسجل قطاع الاتصالات والقطاع المصرفي مكاسب معتدلة. ودعم حجم الأرباح في قطاع الاتصالات نموها. كما ساعد نمو سوق القروض في تحقيق البنوك لأرباح في ظل تراجع أسعار الفائدة. وعاد قطاع البناء للأداء القوي مرة أخرى بعد تراجع في عام 2018. بينما كانت الأرباح معتدلة في قطاعات السلع، والمرافق، والعقارات. ويعزى ضعفها في قطاع السلع إلى تباطؤ النمو العالمي وتراجع أسعار النفط. بينما تراجعت أرباح قطاع المرافق بسبب محدودية حجمها. وتأثر القطاع العقاري بانخفاض أسعار العقارات. وحقق سهم مصرف الراجحي أعلى العائدات بين الأسهم القيادية، بمكاسب نسبتها 14.8%، في حين شهدت سابك خسارة في قيمة سهمها نسبتها 19.4% خلال 2019.
وفيما يتعلق بالموازنة العامة للمملكة، فقد اتسع العجز، ومن المتوقع أن يتسع أكثر في موازنة العام 2020. ومع زيادة الإنفاق الحكومي بغية تحقيق أهداف الرؤية 2030، فمن شأن خفض إنتاج النفط أن يسهم في اتساع العجز على الرغم من زيادة الإيرادات مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة وغيرها من التدابير الاقتصادية.
دبي – إيجابية
ارتفع مؤشر سوق دبي بنسبة 9.3% في العام 2019. وجاء أداء مؤشر القطاع المصرفي وقطاع التأمين جيداً خلال العام، حيث ارتفع بحوالي 27% و22% على التوالي على خلفية تحقيق بنوك وشركات القطاعين لأرباح لافتة. ونتيجة لارتفاع العرض وتراجع الأسعار وتقلص الأرباح، اختتم مؤشر القطاع العقاري العام سلبياً، بانخفاض 9.8%. ومن بين الأسهم القيادية، حقق سهم بنك الإمارات دبي الوطني مكاسب نسبتها 52.3% مدعوماً بأرباح قوية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2019. ودعم القطاع المصفي نموَ الأرباح. ومن المتوقع أن يتعزز النمو الاقتصادي في الإمارة خلال عام 2020 بأداء قطاعي السياحة والضيافة اللذان سوف يستفيدان من إقامة معرض دبي إكسبو 2020. كما ينبغي أن تثمر جهود حكومة الإمارات العربية المتحدة ودائرة الأراضي والأملاك في دبي عن استقرار القطاع العقاري. ومن حيث نسبة السعر السوقي للأسهم إلى قيمتها الدفترية، تأتي النسبة في سوق دبي (0.9) أقل من نظيراتها في أسواق السعودية والكويت وقطر وأبو ظبي، بما يجعل الأسهم أكثر جاذبية.
أبوظبي – مستقرة
ارتفعت مكاسب سوق أبوظبي بنسبة طفيفة بلغت 3.3% للعام 2019. وقد ساعد ارتفاع حدود الملكية الأجنبية في تعزيز مكاسب الأسهم. وجاء سهم بنك أبوظبي الأول في صدارة مكاسب الأسهم القيادية بنسبة 7.5% مدعومًا برفع حدود الملكية الأجنبية ونمو جيد في الأرباح. ومع ذلك، فقد تأثرت المكاسب بسبب عدم زيادة تمثيله في مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة بعد تخفيف قيود الملكية في رأس المال. وساعد قطاع السلع في زيادة أرباح سوق أبوظبي. إلا أنه من المتوقع أن تنمو أرباح الشركات بنسبة 4% في عام 2020 مع تقييمات معتدلة.
قطر – مستقرة
سجل مؤشر سوق قطر مكاسب طفيفة نسبتها 1.23% في عام 2019. وكان قطاع السلع والخدمات الاستهلاكية الرابح الأكبر لهذا العام بمكاسب 26.6%، بينما ارتفعت مكاسب قطاع البنوك والخدمات المالية بنسبة 9.3% مدعومة بالنمو الجيد للأرباح. وكان القطاع العقاري الأكثر تراجعاً بنسبة 30% مع تراجع أسعار العقارات وزيادة العرض.
وتراجعت أرباح الشركات القطرية بنسبة 6.6% للتسعة أشهر المنتهية في سبتمبر 2019. وسجلت شركات الاتصالات أعلى نمو في الأرباح بنسبة 18%، وذلك لكفاءة التكلفة وزيادة طفيفة في الإيرادات. وسجل قطاع الصناعات انخفاضاً في الأرباح نسبته 47% نتيجة ضعف الطلب على منتجات البتروكيماويات والفولاذ. وحقق القطاع المصرفي نمواً 6% على صعيد الأرباح. وبين الأسهم القيادية، كان سهم مسيعيد صاحب أعلى مكاسب بلغت 65.7%، في حين وصلت خسائر سهم صناعات قطر إلى 23.1% خلال عام 2019.
وتوقع تقرير "المركز" أن تسجل موازنة قطر العامة زيادة في الفائض المالي لعام 2020، بارتفاع الإيرادات عقب تطبيق ضريبة الاستهلاك على منتجات التبغ وزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال. كما يتوقع لصادرات قطر الارتفاع مع بدء تشغيل منشأة برزان للغاز الطبيعي في العام 2020، بما يساعد في تحقيق فائض على الرغم من الانخفاض المتوقع في أسعار الطاقة.
توقعات سوق الدخل الثابت الخليجية للعام 2020
ويرى تقرير "المركز" أن هدوء التوتر التجاري العالمي، وارتفاع مؤشرات النمو خلال عام 2020 والتضخم غير الضار، عوامل توفر الدعم الإيجابي لأصول الدخل الثابت في دول مجلس التعاون الخليجي. وتبقى أسعار الفائدة، التي تواكب نظيرتها في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ثابتة في الوقت الراهن، وقد ترتفع بشكل هامشي في أسوأ الحالات. وفي بدايات العام 2020، تبدو التوقعات لفئة أصول الدخل الثابت في دول مجلس التعاون الخليجي واعدة. كما أن العوائد المرتفعة، والعوائد المعدلة حسب المخاطر، وارتباط العملات بالدولار، وتحسن جودة الائتمان على خلفية أسعار النفط، جميعها عوامل داعمة لهذا السوق. ومن ناحية أخرى، من شأن ارتفاع أسعار النفط أن يعزز مناخ الرضا عن الإصلاحات الاقتصادية. ومن الواجب مراقبة تدابير الإدارة المالية الحكيمة في سلطنة عمان والبحرين.
وختاماً، طرح التقرير مجموعة من التساؤلات الهامة لتواكب العام الجديد 2020. وبحث في الأسباب الكامنة وراء النمو اللافت في أغلب فئات الأصول العالمية خلال عام 2019، على الرغم من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتصاعد وتيرة الحرب التجارية والمخاطر الجيوسياسية وتوقعات الركود المحتمل. وتناول "المركز" مدى قدرة البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم على الاستمرار قبل أن تصبح السياسات النقدية غير فعالة. وما إذا كانت التطورات التقنية المتسارعة تعزز الإنتاجية بالفعل أم لا. ويبرز التقرير كذلك حملات أنصار حماية البيئة الذين ينبهون بشأن قضايا تغير المناخ وينادون بالاعتماد على الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية وتأثير ذلك على الطلب العالمي على النفط. ويحاول "المركز" في تقريره الإجابة على التساؤل حول ما إذا دخل الاقتصاد العالمي دورته المتأخرة حقاً.